الجمعة، 8 أبريل 2016

موضوع متكامل عن الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
الزكاة :
 أيُّها الأخوة الكرام، أخٌ كريم طلبَ مِنَّي أنْ أتحدَّث عن موضوع الزَّكاة ومعه الحقُّ في ذلك، فوَقْتُ الزَّكاة في رمضان.
 الله جلَّ جلاله يقول في القرآن الكريم:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
[سورة التوبة: 103]
 هذه الآية أصْلٌ في فرْضِيَّة الزَّكاة، خُذ، فالله سبحانه وتعالى لم يقل: يا أيها الذين آمنوا ادْفَعوا الزَّكاة، لماذا؟ لأنَّ الزكاة تُؤْخذُ ولا تُعْطى، وتُفْترَضُ، ولأنّ الزَّكاة يتعلَّقُ بها مصيرُ الأُمَّة، وسلامةُ المُجْتمع، ولأنَّ خُطورتها تصِلُ إلى مجموع الأمّة، لذا تُفْترضُ ولا تُسْتَجدى، وتؤْخَذُ ولا تُعْطى، فالنبي عليه الصلاة والسلام خوطِبَ لا على أنَّهُ نبِيُّ هذه الأُمَّة بل على أنَّهُ وَلِيُّ أمْر المسلمين، أما مِن أموالهم، فَمِنْ تُفيدُ التَّبعيض؛ أيْ خُذْ بعض أموالهم، نسبةٌ ضئيلة جدًّا؛ اثنان و نصف في المئة، أما أموالهم فجاءت جمعاً لأن الزكاة تجب في جميع الأموال، ما أنتجته الأرضُ، و عُروض التجارة و الصناعة، و الركاز - الثروات الباطنية- وفي الأنعام، الإبل و البقر و الغنم، وفي العسل، و في الفواكه و الثمار، كلّ أنواع الأموال تجب فيها الزكاة، البيوت المعدَّة للمتاجرة تجب فيها الزكاة، و الدكاكين المعدّة للتجارة، و الأراضي التي تُشترَى لبيعها و ربح ثمنها تجب فيها الزكاة، قال تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾
[سورة التوبة: 103]
 أما كلمة " هم " ففي أموالهم، الزكاة مفروضة على جميع المسلمين من دون استثناء، فلا تُطوَى الزكاةُ عن أحد، أما صدقةً فتؤكِّد صدقَ الإنسان مع ربّه، فالعباداتُ التي تتوافق مع النفس قد لا يرقى بها الإنسانُ كثيراً، لكنَّ العبادات التي تتناقض مع الطبع، طبعُك أن تأخذ الأموال، و أن تجمع الأموالَ، لكنَّ فرضية الزكاة تعني أن تدفع الأموال، هذه معنى " صدقة " أي تؤكِّد صدقَ إيمانهم، من هنا قال عليه الصلاة و السلام:
(( الصدقة برهان...))
[ شعب الإيمان عن أبي مالك الأشعري]
الزكاة تطهر الغني و الفقير :
 ثم قال تعالى:
﴿ تُطَهِّرُهُمْ﴾
[سورة التوبة: 103]
 أي تطهِر الغنيَّ من مرض خطير جدًّا وهو الشُّحُ، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
[سورة التوبة: 9]
 و تطهِّر الفقير من مرض الحقد، حينما يرى الفقيرُ نفسَه محروماً و إلى جانبه ثريٌّ مُترَف، و الفقير يعمل و الثري لا يعمل، هذا يخلق اضطراباً في النفس و ينشئ حقداً و ضغينة قد تنتهي إلى اضطرابات في المجتمع، فإذا دفعت زكاةَ مالك حقيقة، تسلّمها الفقراءُ حقيقة عندئذٍ تطهر نفسُ الغنيِّ من الشُّح، و الفقير من الحقد، و المال نفسُه يطهر من تعلُّق حقِّ الغير به، " و تزكيهم " أي تنميهم، فالإنسان ينمو، إما أن ينمو طولُه أو وزنُه أو أن تنمو نفسُه، بدفع الزكاة تنمو نفسُ الغنيِّ، و يشعر أنه إنسان له أياد بيضاءَ على مجتمعه، و يشعر أنه بماله قد مسح دموعَ البائسين، و بماله آوى الشاردين، و أطعم الجائعين، وزوَّج الشباب المؤمنين، وبِماله فتح ميتمًا، يشعر بنُمُوٍّ، وتنمو نفس الفقير حينما يشْعر أنَّ مُجْتَمَعَهُ لم ينْسَهُ، ومُجْتَمَعَهُ يَحْرصُ على سلامَتِهِ، وعلى إطْعامِه، وعلى إسْكانِهِ، فالفقير تنْمُو نفْسُهُ، والغَنِي تنْمو نفْسُهُ، والمال ينْمو لأنَّكَ إن وزّعْتَ زكاة مالِكَ رفَعْتَ القوَّة الشِّرائِيَّة عند الفقراء، فإن كان لهم مال؛ ماذا يفْعلون به؟ سيَشْترون به عند الأغنياء، فكلُّ غَنِيّ ينفقُ ماله تَروجُ تِجارَتُهُ، وقد ينْمو المال بِطَريقةٍ خاصَّة من العِناية الإلهِيَّة.
حساب الزكاة :
 أيها الأخوة، هذه مُقَدِّمة، وهناك طُرُق كثيرة لِحِساب الأموال، أكْثَرُها مُتْعِب، وغير واقِعِي، أما الطريقة الوحيدة الواقِعِيَّة فأن تَجْرُدَ أموالَكَ بِرَمَضان، وأن تدْفَعَ عليها الزَّكاة، فأسْهَل طريقة وأبْسَطَها أن تجْرُدَ أموالك بأوَّل رمضان، والدُّيون الثابِتَة تَجِبُ فيها الزَّكاة، والدُّيون المَشْكوك فيها تُدْفعُ زكاتُها حينما تُرَدُّ إليك، عن سَنَتِها، وعن التي قبلها، أما الدُّيون المَيِّتَة فهِيَ مَعْفِيَّة، والدُّكان مُعْفى من الزَّكاة، وكذا أدَوات الحِرْفة والبيت مُعْفى والمركبة والأثاث والأرض المزروعة ؛ كلّ هذه مُعْفاة من الزَّكاة، لأنّ هذه الأموال لا تنْمو، أما البِضاعة والمواد الأولِيَّة فهذه ينبغي أن تُجْرَدَ جرْدًا دقيقًا، وهناك مَن يقول: أنا قدّرْتُ البِضاعة بمئة ألف! هذا غير مقبول، قال تعالى: " وفي أموالهم حقٌّ معلوم.." فلا بدّ مِن الجَرْد، فقد تقول: أنا أُضاعِفُ التَّقدير! نقول لك: هناك آلاف الناس يُسيئون التَّقدير، فالزَّكاة حقّ الله، وحق الفقير، ويجب أن تُجْرَدَ جرْدًا دقيقًا، والله تعالى يقول:
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾
[سورة الذاريات: 19]
 هذه في الصَّدقات إذاً تُجْري جَرْدًا دقيقًا، وتعُدّ الأموال التي في حَوْزَتِك، الدُّيون التي لك تَطْرحُ منها الدُّيون التي عليك، والحاصِل ضَرْب اثنين ونِصف بالمئة وهناك طريقة وأخوةٌ كُثُر يَفعلونها وهي مُريحة جدًّا، يدْفَع زكاة مالِهِ بِرَمضان، وبِواحِد شوَّال يفْتح حِساب الزَّكاة للعام القادم، وكلَّما عُرِض عليه مَشْروع خَيري ؛ يتيم، أرْملة، فقير، عَمَلِيّة جِراحِيَّة، أو طالب عِلْم، ابن السَّبيل يَدْفع بِبَساطة، فهذا يَدْفع على مدار العام، بِتُؤدَة وبِتَأنّ، وفي شوَّال القادم إن دَفَع عشرة وكانت زكاة ماله عشرين دفَعَ فقط عشرة ! فهذا يدْفع الزَّكاة بِراحة، ومع دِراسة مُطوَّلة، ومن دون ضيق، وهذا مَشْروع. 
 إنسان اشترى شيئًا على المَشاع، ودافِع مَبْلغاً، وهذا المَبْلغ سُلْفة، والسُّلْفة عليها زكاة، أما حينما يتحدَّدُ البيت، وسِعْرُهُ، وأمتارُهُ، وجِهَتُهُ، وطابِقُهُ، فيُصْبِحُ ثمَنَ البيْت دَيْنًا عليه، ويعْفى من السُّلَف التي دَفَعْها في هذا المَشروع؛ هذا الذي ذَكَرْتُهُ لكم مُتَعَلِّق بالزَّكاة، والزَّكاة تُؤدَّى في رمضان وفي غيره، وهناك من يُقَدِّمها قبل العيد بِيَوم واحِد، الفقير عليه أن يشْتري حاجاته، وطعامِهِ، والإنسان ليس حكيمًا في إنفاق المال يُمْكِن أن تُقدَّم له الزَّكاة عَيْنًا.
بطولة الإنسان وضع الزكاة في مكانها المناسب :
 لا تنتهي بُطولة الإنسان في إنفاق الزَّكاة، بل في وَضْعِها في المكان المناسب لأنَّ هناك مُتَسوِّلين يُتْقِنون فنَّ التَّسَوُّل، فالذي يأخذ دائِمًا هو الذي يسْأل ولا يسْتحي، وهو الذي يُحْرِجُك، والمَحروم هو الذي لا يسأل ويسْتحي، لأنَّ الذي يسْتَحِقُّ الزكاة يحْسَبُهُ الجاهل غنِيًّا مِن التَّعَفُّف، فالذي ينبغي أن تُعْطِيَهُ المال هو الذي لا يسألُكَ، وتحْسَبُهُ غَنِيًّا، فَوَاجِبُكَ أن تتحرَّى مَن حَوْلك من الأقرباء والجيران والأصدقاء؛ أنيق ولطيف ونظيف ولكن دَخْلُهُ لا يكْفيه، فهذا ينبغي أن تُغْنِيَهُ عن السُّؤال، أن تُبْقيهِ غَنِيَّ النَّفْس، وليس شَرْطًا أن تُعْلِمَ الذي تُعْطيه المال أنَّ هذه زكاة مالي، لك أن تُعْطِيَهُ المال بألْف طريقٍ وطريق، جاءه مولود فَتُعْطيه هَدِيَّةً نفيسة، فهذه نُقطة؛ تُؤَدَّى عَينًا، وتُؤدَّى نَقْدًا.
 الأقْربون أولى بالمعروف، أما هؤلاء الذين تُؤدِّي لهم الزَّكاة فيجب أن يكونوا أقْرَب نسبًا أو إيمانًا أو فقْرًا، وكلَّما تساويا في شرْط تُحرِّك الشَّرْط الثاني، تساوَيا في الفقْر حرِّك شرْط النَّسَب، وإن تساوَيَا في الفقْر والنَّسَب حرِّك شرْط الإيمان.
 هذا أيُّهاالإخوة عن الزَّكاة، ومَن أدَّى زكاة مالهِ أذْهَبَ الله عنه شرَّ ماله وما تلِفَ مال في برٍّ أو بحْر إلا مِن حَبْس الزَّكاة، وسيِّدُنا أبو الدِّرداء قيل له: لقد احْترَقَ دُكَّانُك! فقال: لا، فلمَّا ذَهبوا وجدوا الحال كما قال فرجعوا وبشَّروه، أنت حينما تُزَكِّي مالك تَجعلُ الله ضامِناً لِمَالِك.
شروط زكاة الفطر :
 زكاة الفِطر تَجِبُ على كلّ مسلم؛ حُرِّ أم عبْد، غَنِيٍّ أو فقير، صغيرٍ أم كبير، ذَكَر أم أنثى، لماذا الفقير؟ قالوا: لِيَذوق مرَّةً في العام طَعْم الإنفاق، والذي يدْفَعُ زكاة الفِطر مَسْموحٌ له أخْذ زكاة الفِطْر، شَرط ألا يتَّفِق اثنان.
الزكاة :
 أيُّها الأخوة الكرام، الزكاة كما ورد في الفقه بِشَكل عام اثنان ونصف بالمئة، فكلّ إنسان له تِجارة، هذه التِّجارة يجب أن تُجْرَد، تُجْرد البِضاعة، وتُحصى الأموال التي في الصُّندوق، وأن تُحصى الدُّيون الثابتة، وأن تُطْرحَ منها الدُّيون المتوَجِّبَة، هذا الرَّقَم تجِبُ فيه الزَّكاة؛ اثنان ونصف بالمئة.
 أيها الأخوة، الموضوع الدَّقيق أنَّ البِضاعة التي ينبغي أن تَجْرُدَها ينبغي أن تُجْرَدَ وِفْق سِعْر الكُلفَة بالضَّبط، أما التي تُوَزِّعُها زكاةً فيجب أن تُجْرَدَ وِفْق سِعْر كُلفتها، ووِفْق سِعر السوق أو أيُّهما أقلّ، فإن أرَدْتَ أن تُخْرِجَ زكاةَ مالِكَ مِن بِضاعَتِك يجب أن تُسَجِّلها على الله تعالى بِسِعْر الكُلفة إن كان سِعر السوق أغلى، وبِسِعْر السوق إن كان سِعر الكلفة أغلى، فقِطْعة القماش لو كان ثمنها في السوق خمسمئة ليرة، وكلَّفتك ألف ليرة إن أرَدْت أن تُخْرِجَ زكاة مالِكَ مِن بِضاعَتِك يجب أن تُسَجِّلَ سِعْرها بِسِعْر السُّوق، وإن كان سِعْر السوق أغلى مِن كُلفتها تُسجِّلها بِسِعْر الكُلفة، فالرَّقَم الذي تُسَجَّل فيه البِضاعة على الزَّكاة سِعْرُ كُلفتها أو سِعرُ السوق أيُّهما أقلّ. البِضاعة مع المال مع الدُّيون الثابتة التي لك، الدَّيْنُ ثلاثة أنواع؛ دَيْنٌ ميِّت أو مَعدوم، هذا لا تَجِبُ فيه الزَّكاة، ودَينٌ مَشكوك في تَحصيلِهِ تُدْفعُ زكاتُهُ عند تَحصيلِهِ، ودَينٌ ثابت تُدْفعُ زكاتُهُ وهو عند المدين، فالبِضاعة والأموال والدُّيون مَطروحٌ منها الدُّيون التي عليك، هذا الرَّقم تُؤدَّى فيه الزَّكاة .
 أكثَرُ سؤال أُسْأَلُهُ هذه الأيام هو موضوع الزَّكاة، فلو دخَلَ عليّ مبْلَغ قبل رمضان بِشَهر فهل ينبغي أن أنتظِر عامًا حتَّى يحول عليه الحول؟ ومبلغٌ كان معي أنْفقْتُهُ قبل رمضان بِأُسبوع فهل تسقط عنه الزَّكاة ؟ أقول لكم بِشَكل بسيط ؛ هذه الحِسابات مستحيلة، ومُعقَّدَة جدًّا، يُغنيكَ عن كلّ هذا جرد لِما تمْلِك في رمضان، أما ماذا دخل وماذا خرَج فهذا حِسابٌ طويل قد لا ينتهي، لأنَّهُ يحتاج كلّ مَبلغ حِساب، فالأرْيَحُ مِن ذلك أنَّ كلّ مبْلغٍ تَمْلِكُهُ في رمضان تَجِبُ فيه الزَّكاة.
مال الزَّكاة لا يُدْفعُ على الرَّفاه فالزَّكاة للضَّروريَّات :
 الشيء الآخر ؛ قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
[سورة التوبة: 60]
 أكثر سؤال يُوجَّه أنَّ كلّ مسلِم يريد أن يُبقي الزكاة في أولاده وإخوته وأخواته! فإذا كان الإنسان مُكَلَّفًا بالإنفاق على إنسان ودَفَعَ له الزَّكاة، فإذا كنتَ مُكُلَّفًا بالإنفاق على أخْتِكَ، وهي في البيت، وهي بِحاجة إلى معْطَف، فدَفَعتَ لها ثمنه فأنت بهذا لم تدفَع الزَّكاة أبدًا، فالأصول مهما عَلَوا، والفروع مهما دَنَوا ؛ هؤلاء لا يجوز أن يُعْطَوْا مِن زكاة المال، فالزَّوجة لا تأخذ من زكاة المال شيئًا لأنَّ الإنسان مُكلَّف بالإنفاق عليها شاء أم أبى، وكذا الأصول من الأب والجد مهما علا.
 أنْ تُعْطِيَ المرأة الزَّكاة لِزَوجها ؛ يجوز في بعض المذاهب، جاءتني البارِحة أخت تسأل أنَّها تريد أن تدْهن البيت، ومعها زكاة المال، فهي ستُعطي زكاة مالها لِزَوْجها، وهو سوف يُدَهِّنُ لها البيت !!
 والثاني صِهرهُ تلزَمُهُ سيارة، فهو سيَدْفع لِابِنته ثمن السيارة، ويُوَكِّلُها بِدَفْع الزَّكاة لِزَوجها !! فهذا الذي يُريد إبقاء كلّ الزَّكاة في الأُسرة ما دَفَع الزَّكاة، والعلماء قالوا: لا بدَّ أن تُدْفعَ الزَّكاة على كُلّ أوْجه الزَّكاة من فقراء ومساكين وابن السبيل والمؤلَّفة قلوبهم وفي الرّقاب، وينبغي أن تدْفع في كلّ فرْع لثلاثة أشْخاص، ولكن لا يُعقل للَّذي زكاة ماله ألف ليرة أن يدْفعها لِعَشرة من الناس !! أما إذا كانت الزَّكاة كبيرة فلا ينبغي دَفْع أكْثر مِن نِصاب الذَّهَب إلا في حالات خاصَّة كتأمين شِراء بيت، ودائِمًا مال الزَّكاة لا يُدْفعُ على الرَّفاه، فالزَّكاة للضَّروريَّات.
دفع زكاة المال مقدماً :
 أيها الأخوة، يُمْكِن أن تَدفَعَ زكاةَ مالكَ مُقدَّمًا، فلك أن تدْفع من زكاة مالِك حينما تفتح صفحة جديدة، وفي رمضان القادم بإمكانِكَ أن تحْسِب ما دفَعْتَ من زكاة الأموال مُسبقًا ثمَّ تَدفع الباقي في رمضان، وهذه الطريقة فائِدَتُها أنَّك تدْفعُ الزَّكاة إلى مَن يسْتحِقّ تمامًا، والأكثر من ذلك أنَّ الله تعالى أمرنَا أن نُعطي هؤلاء الذين لا يسألون الناس إلْحافًا، والذين يحْسبهم الجاهلون أغْنِياء من التَّعَفُّف، هؤلاء لا يسألونك، ومظْهرهم لا ينبئ أنَّهم فقراء، فَمَع هذا الأمْر أمْرٌ ضِمني، وهو أنْ تتحرَّى من هم حَوْلَكَ، وذَكَرْتُ لك في درْسٍ سابق أنَّ صِلَة الرَّحِم وسيلة وليْسَتْ غايَة، فإن تفقَّدْت أحواله المعيشِيَّة، والاجْتِماعِيَّة، والدِّينيَّة، ثمّ أعَنْتَهُ، وأخَذْتَ بيَدِهِ إلى الله عز وجل، فكما أنَّه لا تُقْبلُ زكاة الإنسان وفي أهْلِهِ محاويج، هناك حالات مؤلِمَة جدًّا، أخٌ يدْفعُ زكاتَهُ، وأخوهُ يتلوَّى جوعًا، هؤلاء الذين يُريدون أن يدْفعوا زكاةَ مالهم ضِمْن نطاق الأسرة لِشِراء الثلاجة، وللأمور الثانَوِيَّة، حالهم كحال الذين يذْهب للبعيد وأخوه يتلوَّى جوعًا ! فهذه الحالات غلط في غلط، فالأخ تجوز له الزَّكاة، وكذا الأُخت، والعمَّة، والخالة، عدا الأصول والفروع والزَّوجة. قلتُ لكم سابقًا: الأَقْربون أولى بالمعروف، وعندك ثلاثة عوامِل؛ عامِل القرابة النَّسبِيَّة، وعامِل الإيمان، وعامِل الفقْر، فإن تساوى اثنان في عُنصر رَجِّحْ العنصر الثاني، وهكذا.
على من تجب زكاة الفطر :
 أيها الأخوة، ليس مِن الضَّروري أن تقول لِمَن تُعطيه الزَّكاة ؛ هذه زكاةُ مالي، وليس مِن الضَّروري أن تجْرَحَ شُعور أخيك المؤمن، تدفع ومن دون إحْراج.
 أما زكاة الفِطر فلها بحْثٌ خاصّ، تَجِبُ على كلّ مُسْلم فقير كان أو غَنِيّ والفقير الذي يمْلكُ وَجْبة طعام واحِدَة، والله سبحانه وتعالى أراد أنْ يُذيقَ الفقير طَعْم الإنفاق، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((إن شهر رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر))
[ الديلمي عن جرير]
 وهؤلاء الذين يُؤَدُّونها قبل صلاة العيد ماذا ينْتَفِعُ بها الفقير؟ ينبغي أن تُؤدَّى قبل أواخِر رمضان، والإمام الشافعي سمَح بها أن تُؤدَّى في أوَّل رمضان، فزكاة الفطر طُعمةٌ للسائل، وإغناءٌ له عن السؤال في أيام العيد، وتَطهير للصائِم، فالكلام والنَّظر كفَّارتها صدقة الفِطْر، وهذه يَجِب أن تُؤدَّى قبل صلاة العيد، وبعض أخواننا يقوم بشِراء لوازم البيت بدَل النقود، كأن يشتري كيليَيْن من الرزّ، وكيلييْن من اللَحم والسَمنة.
 أما أن يتَّفِق اثنان، تُعطيني وأُعطيك !! فَكِلاهما لم يدْفع الزَّكاة، وزكاة الفطر خمسون ليرة، ولا حدَّ لأكثرها، وتجب على كلّ مسلِمٍ فقير أم غَنِيّ، صغير أم كبير، حُرّ كان أو عَبدًا، بل بعضهم أوْجبَها على الجنين الذي في بَطن أُمِّه، وزكاة الفِطر تُساوي الآن خمسين ليرة كما قلنا، وهي اسْمُها في الفقه زكاة الرّأس، وهي لا تجِبُ في المال، بل في الرؤوس.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يُلْهِمَكم الصَّواب في دَفع الزّكاة، فَطُلاَّب العِلم الذين يأتون مِن بِلادٍ بعيدة هؤلاء مُفضَّلون في الزَّكاة لأنَّهم سيعودون إلى بلادهم وينشُرون العلم، وكذا العمليَّات الجِراحِيَّة، وهي تَخُصّ المسلمين فقط، فَدَفْع المال على أنَّه زكاة لغير المسلم تُعتبر صَدَقة، وكذا المال هو أفضل شيء لِدَفْع الزَّكاة لأنَّهُ مرِن، والذين يُوَزِّعون بِضاعتهم للزَّكاة لابدّ أن تكون هذه البِضاعة أساسيّة في حياة الإنسان، فالبِضاعة غير الأساسيَّة لا تُعْتبَرُ زكاةً.
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي